رسالة فوق الماء من وهابوبعثي إلى إخوانه العرب

رسالة فوق الماء من وهابوبعثي إلى إخوانه العرب

علي جديد     

biygeldan@gmail.com

بوجدور        

إخواني الوهابوبعثيون،

اسمعوا وعوا وأطيعوا،فالأمازيغية أمامكم والديمقراطية ورائكم، وليس لكم إلا اللغة العربية، والسعي إلى إبادة اللهجات، وإفراغ الثقافات الإسلامية من محتواها، فالدول لا تبنى على أسس دينية ولكن على أساس عرقي. فلتكن سياستكم تقديم القومية العربية على العقيدة باستعمالكم جميع الوسائل لأن "الغاية تبرر الوسيلة" كما يحلو للرفيق الشيخ ماكيافيلي أن يردد، وإلا ستعرق ونكرر تجربة فقدان الأندلس التي تتراءى دائما أمام أعيننا.

ولن تنجحوا في مسعاكم حتى تفلحوا في منع الأمازيغ من تسمية مواليدهم بأسماء أجدادهم،  فادفعوهم بشتى الوسائل إلى السعي إلى تقمص الشخصية العربية، وذكر أجدادنا بالخير، وكره الذات الأمازيغية والخجل والخوف من الانتساب إلى البربر والإحساس بالإهانة في الإدارة والمدرسة والمستشفيات. فاحرصوا أشد الحرص على خلو مناهجكم التعليمية من تاريخ أجدادهم ، لأنهم عندما يعرفون أن الدماء التي تجري في عروقهم هي نفس دماء أبطال صناديد أمثال حنبعل ويوبا ويوكرتن وتيهيا وعبد الكريم الخطابي والقديس أوغوسطين، فلن تنطلي عليهم حيلنا أبدا، وقذ بدأت بوادر ذلك تلوح في الأفق، لذلك أوصيكم أن تضيقوا الخناق على لغتهم لأن اللغة أساس الوجود ورمز الهوية والخلود، وإن استطعتم أن تبيدوها فذلك خير لكم إن كنتم تعلمون .

إياكم والتفكير في الأخلاق فهي مفسدة المرء وتعرقل علينا إتمام هذه المهمة النبيلة. وسيروا على خطى أجدادنا الأمويين الذين قاتلوا في سبيل إعلاء كلمة العرب، وجاهدوا في الغنيمة حق جهادكم دون اعتبار لما يحس به البربر من ظلم لأن "مصائب قوم عند قوم فوائد". وكونوا خير خلف لخير سلف بإضفائكم القداسة على كل ما تأتي به رياح الشرق من لباس البرقع  والتشادور والعباية والكوفية ، وسموا أنفسكم ب"أبو حمزة" و"أم أيمن"، ونادوا على أولادكم ب"عمو" و"بابا"و"ماما"، واستعملوا في أحاديثكم عبارات مثل "مش"و"أكيد" و"كثير"و"أنو"، واختاروا ما شئتم من مدنهم كـ"عواصم للثقافة العربية"، وما شئتم من تراثهم كإرث حضاري عربي أصيل . وأسرفوا في استعمال مصطلحات من قبيل "الوطن العربي"والعالم العربي" و"المغرب العربي" لأن التكرار والأعوام كفيلة بترسيخها، واتلوها على مسامع الناس في الإعلام والتعليم حتى يتبين لهم أنها حقيقة لا غبار عليها رغم أنها وهم وخرافة.

وإياكم أن تتسم مواقفكم بالحياد في أي قضية من شأنها أن تنقص من شأن اللغة العربية، ولا تخجلوا عندما تكتشف التناقضات في مبادئكم، وتشبثوا بالقول أنه ليس هناك وجود للغة أمازيغية قائمة بذاتها وصفاتها، بل هناك لهجات لا يمكن أن تسمو إلى مستوى اللغات، وشددوا على أن الجنة بين دفات الكتب العربية الوهابية منها والبعثية، لا يدخلها إلا الذين يقضون آناء الليل وأطراف النهار في تلاوتها بخشوع. وإذا كان أجدادكم في العصر الذهبي للإسلام قد وضعوا آلاف الأحاديث في وجوب حب العرب واللغة العربية  فما الذي يمنعكم من لي عنق التاريخ لي يخدم إيديولوجيتنا الإقصائية، ولا تتوانوا في مزج الدين بالديناميت كلما استطعتم إلى ذلك سبيلا .

إخواني الوهابوبعثيون والوهابوبعثيات، أود أن أختم رسالتي هاته بشيء من التفاؤل، فلا تيأسوا فأنتم تعرفون مكانة الشعر في حياتنا ، فابشروا خيرا لأن أعرافكم أضحت أقوى مما كانت عليه في الجاهلية ، وستعيد يوما تلك المعلقات السبع إلى مكانها الأصلي وأن الغد لناضره لقريب. وقد قطعنا من أجل ذلك شوطا مهما بتنظيم مسابقات مليونية للشعر العربي في كثير من قنواتنا، كما أنشأنا بعض القنوات التلفزية الخاصة بهذا الشعر يسهر عليها ثلة من عتاة القومية الذين لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم، كما أنشأنا وكالة أنباء الشعر العربي وأملنا أن لا تذهب جهودنا سدى ونجعل أرضنا من الماء إلى الماء تنجب شعراء كثرا بإمكانهم نضم المزيد من المعلقات لتوزع بين الناس بالعدل (عوض توزيع إيرادات النفط)، فالعربية لدينا مسألة حياة أو موت مصداقا لقول الشاعر:

إذا العرب يوما أراد الحياة                  فلا بد للغربية أن تنتشر

ولا بد للأمازيغية أن تندثر                 ولابد للزاي أن ينكسر

ولابد على المال والتعليم والإعلام أن نسيطر              ولا بد لهم من شعاب الجبال كالبقر.

والسلام على العرب