Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
مدونة انمور امازيغ تغجيجت
10 février 2008

مذكرة جوابية لفائدة الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي ضد السيد وزير الداخلية المغربي

مذكرة جوابية لفائدة الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي ضد السيد وزير الداخلية المغربي

مذكرة جوابية

لفائدة:

الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي

الأستاذ احمد ابادرين المحامي بهيئة مراكش

محل المخابرة معه بمكت الأستاذ الحسين ملكي

المحامي بهيئة الرباط

ضد:

السيد وزير الداخلية

نائبه الأستاذ عبد الجليل التهامي الوزاني

المحامي بهيئة الرباط

من فضل المحكمة

حيث تقدم السيد وزير الداخلية بمقال أمام هذه المحكمة يطلب فيه الحكم بإبطال الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي إعمالا لمقتضيات المادة 53 من القانون 36.04 المتعلق بالأحزاب السياسية، مادام مخالفا (في نظره) لمقتضيات المادة 4 من نفس القانون.

وقد استند السيد وزير الداخلية في ذلك إلى أمرين

أولهما: كون هذا الحزب يوجد في وضعية غير منسجمة مع مقتضيات المادة 4 من نفس القانون. مستدلا ببعض الفقرات من الخطاب السياسي لزعيم الحزب مثل:

1 ـ تسمية الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي التي "تؤكد بجلاء" (في نظره) أساسه اللغوي و العرقي.

2 ـ كون برنامج الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي يهدف إلى تأطير وتمثيل فئة معينة من الشعب المغربي دون أخرى من خلال السعي إلى تأطير الأمازيغيين و التعبير عن رؤاهم و تصوراتهم لقضايا الحقل السياسي المغربي.

3 ـ كونه يسعى إلى خلق مؤسسات للقضاء الشعبي، و اعتبار الأعراف الأمازيغية مصدرا للتشريع و مجالا لاستلهام القضاء.

4 ـ كونه يسعى إلى رد الاعتبار في تاريخ القضاء المغربي لفترة ما قبل تأسيس المجلس الأعلى سنة 1957 و اعتبار العدالة الأمازيغية إرثا يجب البحث و التأمل في مقتضياته و جعله متمتعا بنفس الاهتمام الذي يحظى به القضاء الشرعي.

وثانيهما: كون تصريحات الأمين العام لهذا الحزب تحمل توجهات مخالفة (في نظره) للمقتضيات الدستورية و القانونية. وأورد بعض الأمثلة:

1 ـ المطالبة بمراجعة العلاقة مع العرش على أساس أعراف المغرب التي كانت سارية قبل نشأة الحركة الوطنية.

2 ـ الموقف من دور السلطة المركزية و صلاحيات الحكم التي يجب أن تنحصر داخل المجال الديني فقط.

3 ـ الحديث عن العرب و العروبة (دون بيان مضمون الخطاب المنتقد أو المواقف المنتقدة في هذا الباب).

** **

هذه هي وجهة نظر السيد وزير الداخلية حول مفهوم سلطة الحكم والتعددية الحزبية، ويسعى من خلال هذه الدعوى إلى تكريس وجهة نظره قضائيا بعد أن حاول تأويل النصوص القانونية لتأييد رأيه دون أن يغفل الاستعانة بخطاب أجدير الذي أعلن من خلاله عن تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

ونحن لا نعتقد أن المحكمة ستسايره في مسعاه لما في ذلك من مخاطر على مستقبل الديمقراطية الذي يرغب الجميع في بنائها لما فيها من ضمانات الاستقرار.

** **

ديباجة لا بد منها

كنا نعتقد أن السيد وزير الداخلية في العهد الجديد سيكون معنا في العمل بالمبدأ الذي أتى به فرانسوا ماري آرويه ( الفيلسوف الفرنسي المعروف تاريخيا باسم فولتير، الذي عاش في الفترة ما بين 1694- 1778)، صاحب القولة الشهيرة عن حرية التعبير (قد اختلف معك في الرأي، ولكني مستعد للموت في سبيل أن تعبر عن رأيك). وسيكون معنا كذلك في طموح فولتير لأن تحدو جميع الدول حذو بريطانيا في الديمقراطية والتسامح حين قال وقال أيضا عن الشعب البريطاني (يعجبني شعب بريطانيا الذي يتوفر على برلمان أقوى من أي حاكم وفيه ثلاثون مذهبا دينيا بدون قس واحد).

** **

تعلم السيد الوزير أنه في الديمقراطيات الغربية نجد أحزابا دينية وأخرى علمانية وتبرز اتجاهها في التسمية وفي برامجها وخطاباتها السياسية وكلها تشارك في الانتخابات وتمارس الصراع من أجل السلطة بشكل سلمي وديمقراطي.

وفي البلدان ذات الأغلبية المسلمة (تركيا والمغرب) توجد أحزاب دينية، وإن تجنبت إبراز ذلك في التسمية (العدالة والتنمية) فإنها تعتمد الخطاب الديني في ممارسة الصراع من أجل السلطة وهذا لم يعد خافيا على أحد.

** **

في المغرب لا أحد ينكر وجود تيارات إسلاموية وأمازيغية (مصطلح الإسلاموية هنا ليس قدحا في الانتماء الديني وإنما لتمييز من يستخدم الخطاب الديني في الصراع من أجل السلطة)، وداخل كل تيار توجد خلافات، أبرزها قبول جزء تشكيل إطار سياسي في ظل الدستور الحالي وبقاء الجزء الآخر على ضفة الرفض للنظام ولجميع مؤسساته بما فيها المؤسسات الحزبية.

التيارالأول (الإسلاموي) يعتبر اللغة العربية مقدسة باعتبارها اللغة التي نزل بها القرآن ويؤسس خطابه السياسي على أساس ديني في مواجهة العولمة واللبرالية والفساد ويسعى إلى إعادة توزيع السلطة ويوحي بأنه إنما يخوض جهادا دفاعا عن الدين الإسلامي.

والتيار الثاني (الأمازيغي) يرفض اللغة العربية خاصة (لكونها ترمز في نظرهم إلى الاضطهاد الذي تعرضت له شعوب هذه المنطقة في مرحلة تاريخية معينة)، ويسعى إلى إحياء اللغة الأمازيغية وترسيمها دستوريا، ويؤسس خطابه السياسي على الهوية الأمازيغية للتحرر من سيطرة الاتجاه القومي العربي، وإعادة توزيع الثروات وخاصة الأراضى والمعادن وتفكيك مركزية السلطة.

إن مثل هذه الدعوى التي بادر السيد وزير الداخلية إلى إقامتها هي التي تدفع البعض إلى التطرف وإلى رفض النظام بجميع مؤسساته وفقدان الثقة في المجهود الذي يبذله المغرب لبناء مجتمع حداثي ديمقراطي.

** **

المادة 27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنص على ما يلي: (لا يجوز، في الدول التي توجد فيها أقليات إثنية أو دينية أو لغوية، أن يحرم الأشخاص المنتسبون إلى الأقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائره أو استخدام لغتهم، بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم).

الاستشهاد بنص هذه المادة لا يعني أننا متفقون مع السيد وزير الداخلية في قراءته الخاصة لبرنامج الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي حين قال عنه بأنه يهدف إلى تأطير وتمثيل فئة معينة من الشعب المغربي دون أخرى.

إنما استشهدنا بذلك للتنبيه إلى أنه حتى في الحالة التي يعتبر فيها الأمازيغ أقلية لغوية فإنه لا يمكن حرمانهم من حق التمتع بثقافتهم الخاصة واستخدام لغتهم بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم.

** **

يؤاخذ السيد وزير الداخلية على الحزب الديمقراطي المغربي الأمازيغي كونه يسعى إلى التفكير في خلق مؤسسات للقضاء الشعبي، واعتبار الأعراف الأمازيغية مصدرا للتشريع ومجالا لاستلهام القضاء ورد الاعتبار للقضاء المغربي لفترة ما قبل تأسيس المجلس الأعلى سنة 1957 و اعتبار العدالة الأمازيغية إرثا يجب البحث و التأمل في مقتضياته و جعله متمتعا بنفس الاهتمام الذي يحظى به القضاء الشرعي.

ومن منا يتنكر للأعراف الأمازيغية ودورها في تطوير التشريع وخاصة في مادة الأحوال الشخصية يا أيها لسيد الوزير؟.

ومن منا يتنكر لعمل أهل سوس وعمل أهل فاس في وضع القواعد الشرعية فيما لا يتعارض مع المبادئ الدينية اليهودية منها والإسلامية أيها السيد الوزير؟.

وكيف لا تستحضر معنا، أيها لسيد الوزير، الحدث الأخير المتمثل في وضع مدونة الأسرة الجديدة التي تبنت القواعد العرفية المعروفة بالكد والسعاية لتقرير حق المرأة في ملكية جزء مما اكتسب من ثروة أثناء قيام العلاقة الزوجية.

إن عمل أهل سوس وأهل فاس أسسه الفقهاء وثبته القضاة في أحكامهم فصار اجتهادا يعمل به قبل أن يتبناه المشرع.

فلما ذا نخاف من إحياء تراثنا في مجال الفقه والقضاء، ولماذا نخاف من الأعراف وهي القواعد التي يتعامل بها المواطنون ويستندون إليها في تنظيم علاقاتهم الاجتماعية ومعاملاتهم الاقتصادية والتجارية.

إن من يعتبر هذا المسعى مبنيا على أسس تمييزية فهو جاهل للتاريخ المليء بالعبر وينقصه الذكاء السياسي الضروري لبناء صرح الديمقراطية.

** **

ونحن نتفهم الهواجس التي دفعتكم، السيد الوزير، إلى رفع هذه الدعوى أمام القضاء لاستصدار حكم بإبطال الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي.

غير أننا نتخوف من ردود الفعل التي يمكن أن تنتج عن هذه المبادرة؛ ونستحضر هنا ما جرى في مصر حين قرر الحكام العرب طردها من جامعة الدول العربية ونقل مقرها إلى تونس لتهدئة الأوضاع فيما يسمى بالشارع العربي على إثر زيارة الرئيس المصري المرحوم أنور السادات لإسرائيل وتمكنه من استرجاع أراضي مصر عن طريق المفاوضات السلمية المباشرة مع إسرائيل، فكانت ردود الفعل الناتج عن القرار العربي أن تعالت أصوات مصرية تدعو للرجوع إلى تأصيل الحضارة الفرعونية وفك الارتباط مع العرب ومع جامعتهم. وأنتم تعلمون، السيد الوزير، أنه من الطبيعي أن يحدث ذلك كلما تعرض مكون من مكونات أي كيان إلى اضطهاد أو إقصاء.

** **

ثقافة الأمة ملك للجميع، أيها السيد الوزير، وتتكون ثقافتنا من جملة من العناصر يقول عنها الأنتروبولجيون والمؤرخون بأنها خليط من الوثنية واليهودية والمسيحية والإسلام، وهذه أمور تاريخية لا يجادل فيها إلا جاحد، والتنكر للحقائق لتاريخية من قبيل غطس الرأس في الرمل الذي يلجأ إليه النعام كما ترويه الأمثال الشعبية. ونحن فخورون بالتسامح الديني السائد في مغربنا الحبيب حيث توجد جوامع (للمسلمين) وكنائس للمسيحيين) وبيع لليهود ومدونتان وقضاءان للأسرة.

هذا إضافة إلى اختلاف هذه العناصر حسب الجهات، ونظام الجهوية المعمول به في عدد من الدول وتبناه المغرب (16 جهة في المغرب حاليا)، مبني على الخصوصيات الجهوية ومنها الخصوصية الثقافية التي يستند إليها المغرب في اقتراح حكم ذاتي موسع للأقاليم الصحراوية.

** **

عندما نتحدث عن عنصر من العناصر المكونة لثقافة الأمة المغربية معتزين بتعددها، فإننا نتعامل بواقعية ولا نرتكب أي إقصاء في حق أي مكون من المكونات، كما أننا لا يمكن أن نتهم بأننا نمارس ميزا عنصريا أو عرقيا، أو أننا نسعى إلى زرع الشقاق بين جسد الأمة الواحد.

** **

ولنعد هنا إلى عنصر اللغة، لنتساءل هل تختصون، السيد وزير الداخلية، بتقرير وتحديد اللغة التي تلائم واقعنا.

إن مفهوم رسمية اللغة يعني الضرورة العملية للتواصل، وقد تكون لغة أجنبية حرفا وكتابة، كما هو الشأن بالنسبة للحرف القرآني الذي قيل عنه أنه فارسي والراجح أنه أرامي كانت تكتب به لهجة إحدى القبائل مابين لرافدين ولم يرد أن العرب لهم حروف خاصة بهم ومع ذلك اعتمده العرب في الكتابة دون مركب نقص، فكما يكتب العرب بالحرف الآرامي فإن الأتراك يكتبون بالحرف اللاتيني خاصة بعد أن منع أتاتورك استعمال التخاطب بالعربية، كما منعه حاكم اسبانيا بقرار سياسي أيضا بعد نهاية حكم الأندلس.

ونشير بالمناسبة أن الخلاف لا زال لم يحسم حول حرف تيفيناغ الذي يقول عنه البعض بأنه أمازيغي والبعض الآخر يقول عنه بأنه فينيقي وإن تقرر سياسيا اعتماده في كتابة اللغة لأمازيغية في المغرب.

في المغرب لهجات، أو لنقل لغات، تختلف من جهة إلى أخرى: ريفية في الريف تشلحيت في سوس، وتمازيغت في الأطلس، ودارجة في باقي المناطق. وليست لدينا عربية وأنت تعلم هذا أيها السيد الوزير.

اللهجات لغات وطنية بحكم الواقع لأنها تستعمل في الحياة اليومية بين المواطنين، في الوسط العائلي وفي الأسواق وفي التجمعات السكنية، والمطلب الرامي إلى دسترتها على هذا الأساس يعتبر مطلبا مشروعا مستندا إلى الواقع. ولا يعتبر دعوة لإثارة النعرات العصبية كما جء في مقالكم السيد الوزير.

** **

قد لا نتفق، وليس من الضروري أن نتفق، مع الخطاب السياسي لكل الأحزاب، وعندما نقول عن الحزب الذي نعارضه بأنه شوفيني أو عنصري أو ليبرالي متوحش إلى غير ذلك من الأوصاف، فإننا نمارس الصراع الإيديولوجي والسياسي بطرق حدودها الحمراء هي الدعوة للكراهية التي يمكن أن تؤدي إلى العنف.

لكن الزج بالقضاء في الفصل في مثل هذه المسائل نعتبره سابقا لأوانه؛ لأن القضاء لا يتدخل إلا حين ينتج عن الممارسة سلوك مؤذي للآخرين. إن القضاء لا يحاكم الناس أو التنظيمات الحزبية بناء على نواياهم وخطاباتهم السياسية والإيديولوجية وإنما يحاكم السلوك الذي يلحق الضرر بالناس أو بالممتلكات.

هكذا ينبغي أن تكون وظيفة القضاء الذي يجب أن يكون مستقلا عن باقي السلط ومستقلا عن الصراع السياسي الذي تخوضه الأحزاب للوصول إلى السلطة.

** **

لكل أمة ميثاق وهو الدستور الذي يحدد كيفية ممارسة السلطة وتوزيع الاختصاصات، وهذا الميثاق الذي تضعه الأمة للاحتكام لمقتضياته قابل للتعديل والتغيير كما نضجت شروط تقتضي ذلك.

ودستورنا ينص في ديباجته على التزام المغرب بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، بمعنى أنه منضم للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولباقي المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وكلها تعترف لكل مواطن بحقه إما منفردا أو بالاشتراك مع آخرين في التعبير عن رأيه بكل حرية، مع مراعاة الواجبات المنصوص عليها في المادة 29 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على ما يلي:

1 ـ على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نمواً حراُ كاملاً.

2 ـ يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.

3 ـ لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.

وقد جاء في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة ما يلي:

نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا

أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف،

وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية،

وأن نبيّن الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي،

وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.

وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا

أن نأخذ أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار،

وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي،

وأن نكفل بقبولنا مبادئ معيّنة ورسم الخطط اللازمة لها ألاّ تستخدم القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة،

وأن نستخدم الأداة الدولية في ترقية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها،

قد قرّرنا أن نوحّد جهودنا لتحقيق هذه الأغراض

ولهذا فإن حكوماتنا المختلفة على يد مندوبيها المجتمعين في مدينة سان فرانسيسكو الذين قدّموا وثائق التفويض المستوفية للشرائط، قد ارتضت ميثاق الأمم المتحدة هذا، وأنشأت بمقتضاه هيئة دولية تُسمّى "الأمم المتحدة".

** **

ظهرت فكرة المصالحة في أمريكا اللاتينية على إثر حروب ذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء، وتبعتها اسبانيا ثم جنوب افريقيا ودول أخرى، وعرف المغرب تجربة نموذجية في رسم خارطة طريق لبناء المستقبل وطي صفحة الماضي انخرط فيها جل الضحايا ومختلف الحساسيات السياسية والحقوقية.

ونخوض اليوم الجهاد الأكبر لترجمة الخارطة على جميع المستويات السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ونعتقد أننا بدأنا عهدا جديدا نستحضر فيه جانبا من تاريخنا الذي تعرض للإقصاء والتهميش باعتراف الجميع، وهناك أصوات تنادي بإعادة كتابة تاريخ بلدنا، ونشطت جمعيات ثقافية وأدرجت الأحزاب السياسية في برامجها الالتزام بالعناية بالتراث الثقافي الأمازيغي ونظمت مهرجانات مسرحية وسينمائية فسحت المجال للمبدعين باللغة الأمازيغية لتقديم لوحاتهم الفنية، فنحن إذن على أبواب الاحتفال بتحقيق المصالحة مع تاريخنا. وليس من مصلحة أحد تنغيص أجواء هذا الاحتفال.

** **

لا بد لخريطة المصالحة أن تنتصر، لكننا نعترف أن الطريق ليس مفروشا بالورود، فهنالك ما كان يسميه الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي جيوب المقاومة، تعمل ما في وسعها لعرقلة مسيرة الديمقراطية، ليس من داخل السلطة فقط بل من خارجها، وتمارس مقاومتها للإصلاح عن طريق مؤسسات رسمية وغير رسمية تحتاج إلى إعادة تأهيل.

وعدو الجميع هو من يخلق من الشباب آليات التفجير تحطم الممتلكات وتزهق الأرواح دون تمييز، كما يعتبر عدوا من يوفر التربة لاستنبات الفكر الإيديولوجي والشروط الاقتصادية المدعمة لتلك الآليات.

** **

يقولون بأن أسباب كل ما يقع من هجمات انتحارية هو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي لم ينجح المنتظم الدولي في إيجاد صيغة لإقناع أطرافه بالتعايش السلمي فيما بينها، حتى الإعلام لم يستطع أن يبرز جهود مساعي السلام التي يبذلها دعاة السلام من كلا الشعبين (إدوار سعيد الأديب والفنان الفلسطيني أسس فرقة موسيقية تتكون من فلسطينيين وإسرائيليين وعرب من جنسيات أخرى) لكن يبدو أن إعلامنا لا يهتم بهذا النوع من المبادرات.

إعلامنا اليوم يخوض حملة ضد كل من يحاول خلق فضاء للحوار بين الفلسطينيين والإسرائيلين ويتهمه بكونه يسعى إلى التطبيع ضدا على مصالح الشعب الفلسطيني في وقت يجري فيه حوار مباشر بين الحكام الفلسطينيين والإسرائيليين. لكن يبدو أن البعض لا تروقه الديبلوماسية الشعبية ويريد الاستمرار في الانفراد بفرض وصايته في هذا لمجال.

** **

وعن الاتجاه القومي العربي نقول للسيد وزير الداخلية إنه أدى دوره في مرحلة تاريخية معينة وليس من الديمقراطية في شيء أن تفرضوا على أي حزب الدفاع عن الاتجاه القومي العربي أو منعه من نقده، ولا نعتقد أنكم غافلون عن كون التكتلات الاقتصادية إنما تبنيها المصالح الاقتصادية ولا دور فيها لا للغة ولا للديانة.

إنكم تعلمون، السيد الوزير، أن البرلمان الأوروبي عندما يجتمع يجند طاقما للترجمة الفورية لتسهيل التواصل بين أعضائه، ومع ذلك يناقشون ويتخذون القرارات لصلح شعوب بلدانهم.

ولذلك فإن ما تؤاخذونه، السيد الوزير، على الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي من كونه مناهض للاتجاه القومي العربي استنادا إلى اللغة لا يعتبر مساسا بالمقدسات.

** **

قلتم، السيد وزير الداخلية، عن الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي بأن تسميته بالحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي تؤكد أساسه اللغوي و العرقي، لكن اسمحوا لنا السيد الوزير أن نقول لكم إنكم لا تميزون بين اللغة كنظام للتعبير لصوتي في التواصل وبين الثقافة كمجموعة قيم يمارسها الناس في وسطهم العائلي والمجتمعي، وبما أن لثقافة الأمازيغية هي التي تميز شعبنا عن غيره من الشعوب الأخرى فإننا نسميها هوية.

أما اتهامكم لهذا الحزب بالعرقية فإننا نتساءل عما إذا كنتم قد وزنتم فعلا هذا المصطلح قبل كتابته في مقالكم، ولا نحتاج إلى تذكيركم أن الحكيم هو ذلك الذي يدور لسانه في فمه عدة مرات قبل النطق بكلمة.

في أوروبا مثلا توجد شعوب عرقية: أرمن، الأبخاز، جرمانيون، روس، سلوفينيون، صرب، غجر... إلخ. ويختلف تمركزها كما تعلمون حسب الظروف الأمنية في مختلف المناطق التي تسمح لهم بممارسة ثقاليدهم وأعرافهم وشعائرهم الدينية.

وبهذا المفهوم نسائلكم، السيد الوزير، هل توجد أجناس وأعراق في المغرب؟ هل توجد في المغرب أقليات عرقية ونحن لا نعرفها؟ نحن لا زلنا نومن بأن الأمة المغربية بمختلف دياناتها، اليهودية والمسيحية والإسلامية، أمة واحدة ولا تعاني من صراع عرقي. أمة واحدة بمختلف لغاتها ولهجاتها وليس بين أفرادها أي صراع ذي أسس عرقية أو دينية أو لغوية.

فلماذا خاطرتم بهذا الاتهام؟

** **

إنكم، السيد الوزير، تخاطرون بالوجدان الذي يوحد هذه الأمة حين قلتم عن الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي بأنه يهدف إلى تأطير وتمثيل فئة معينة من الشعب المغربي دون أخرى من خلال السعي إلى تأطير الأمازيغيين والتعبير عن رؤاهم و تصوراتهم لقضايا الحقل السياسي المغربي.

اسمحوا لنا السيد الوزير أن نقول لكم إنكم الوحيدون الذين ترون في مبادرة هذا لحزب جانبا فئويا، واسمحوا لنا أن تصارحكم بأن ما في ذهنكم من كون الشعب المغربي يتكون من فئة أمازيغية وأخرى عربية فأنتم مخطئون ومخطئ أيضا من يتبنى رؤيتكم، إن الشعب المغربي كله أمازيغي، هوية وثقافة، ويتحدث عدة لهجات، ويمارس عدة ديانات متعايشا فيما بينه دون عنصرية، ولا مجال للاستخفاف بهذه الهوية التي تعتبر أساس وحدة الأمة.

** **

كون الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي يسعى إلى خلق مؤسسات للقضاء الشعبي، واعتبار الأعراف الأمازيغية مصدرا للتشريع و مجالا لاستلهام القضاء. هذا رأي قد نتفق معه وقد نختلف ولكنه لا يعتبر مساسا بالمقدسات وليس مبررا لحل الحزب.

** **

وكونه يسعى إلى رد الاعتبار في تاريخ القضاء المغربي لفترة ما قبل تأسيس المجلس الأعلى سنة 1957 و اعتبار العدالة الأمازيغية إرثا يجب البحث و التأمل في مقتضياته و جعله متمتعا بنفس الاهتمام الذي يحظى به القضاء الشرعي. فهذا أمر سبق لنا توضيح أهميته عندما قلنا بأن الكثير من القواعد القانونية استندت إلى عمل أهل سوس وأهل فاس فما العيب يا سيدي الوزير في السعي لإحياء هذا التراث.

** **

كون تصريحات الأمين العام لهذا الحزب تتضمن المطالبة بمراجعة العلاقة مع العرش على أساس أعراف المغرب التي كانت سارية قبل نشأة الحركة الوطنية. والموقف من دور السلطة المركزية و صلاحيات الحكم التي يجب أن تنحصر داخل المجال الديني فقط. والحديث عن العرب و العروبة. هذه أمور يتناولها الجميع. أما إذا كنتم السيد لوزير تسعون إلى منع تناول هذه المواضيع فإننا نسائلكم عن مفهومكم للديمقراطية وحرية التعبير وعن مفهومكم للتعددية والحق في الاختلاف.

** **

أيها السادة القضاة

إنكم ستتداولون في هذه القضية التي تهم خريطة مستقبل الديمقراطية ببلادنا، تهم الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وستلاحظون أن المبررات التي قدمها السيد وزير الداخلية مجرد رأي لا سند له لا في الواقع ولا في القانون. رأي تأويلي لمقتضيات المادة 4 من قانون الأحزاب التي جاءت لفسح المجال للتعددية الحزبية ولا يمكن تأويلها على أساس نفي وهدر لما يضمنه الدستور من حقوق وحريات. ونربأ بكم أيها السادة القضاة أن تزجوا بالسلطة القضائية في مثل هذه الخلافات المذهبية ذات الصبغة لسياسية

ولذلك فإن الصيغة الملائمة لدوركم كسلطة قضائية هي أن تصرحوا بعدم قبول الدعوى لكونها غير مرتكزة على أساس وعلى كل حال فهي سابقة لأوانها كما سبق أن أوضحنا.

لهذه الأسباب

عدم قبول الدعوى

بكل تحفظ

الأستاذ احمد ابادرين

المحامي بهيئة مراكش

Publicité
Publicité
Commentaires
مدونة انمور امازيغ تغجيجت
Publicité
مدونة انمور امازيغ تغجيجت
Archives
Derniers commentaires
Articles récents
Publicité